تعبير المجتمع الدولي في منطقة الشرق العربي بات رمزا لكل أنواع الجرائم الدولية التي تستهدف المنطقة وثرواتها وأمن شعوبها، وهذا التعبير الذي عممه الأميركيون الشماليون منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بصورة خاصة، كناية عن النظام الدولي الجديد الخاضع لهيمنة الولايات المتحدة، هو الإطار الذي تم عبره خلال الأعوام العشرين الأخيرة ارتكاب العشرات من الجرائم الدولية الموصوفة في مواقف وقرارات وتحركات شكلت الأمم المتحدة مسرحها الرئيسي.
15 أيار هو التاريخ الذي اختارته "إسرائيل" يوما لاستقلالها قبل 63 عاما عندما أقيمت وأسست بمذابح التطهير العرقي التي اقتلعت الفلسطينيين من أرضهم وحولتهم إلى لاجئين في الشتات خارج الوطن السليب، بينما اختار الشعب الفلسطيني في جميع أماكن اللجوء وداخل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 و1967، أن يكون هذا اليوم نفسه موعدا لمسيرات التحرير وحق العودة إلى فلسطين.
وصمة عار ما يسمى المجتمع الدولي هي إنكار حق العودة لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني واعتزام الولايات المتحدة زعيمة ما يسمى بالعالم الحر أن تجعل شطب حق العودة والسيطرة على معظم أراضي الضفة الغربية المحتلة، شرطا مؤسسا لأي تسوية سياسية لقضية فلسطين بالإضافة إلى نزع السلاح وتصفية المقاومة التي تبيحها جميع شرائع الأمم المتحدة الأساسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
بالمقابل يعترف ما يسمى بالمجتمع الدولي بالأمر الواقع الذي فرضته "إسرائيل" بالقوة القاهرة على الشعب الفلسطيني وعلى دول المنطقة بما في ذلك التجاهل المتعمد لحقيقة أن "إسرائيل" ذاهبة إلى حملة تطهير عرقية جديدة داخل الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال مشروع الدولة اليهودية وتحت غطاء إدارة باراك أوباما.
كذبة حل الدولتين سقطت فمعظم أنحاء الضفة الغربية ابتلعت وأقيمت عليها تجمعات المستعمرات الصهيونية وقطعت أوصالها بحيث باتت أماكن سكن الفلسطينيين الباقية مربعات معزولة هي أقرب إلى معسكرات اعتقال و تمييز عنصري يحيط بها الاحتلال والمستعمرون من كل الجهات على طريقة معازل الأبرتهايد التي عرفها العالم في جنوب أفريقيا.
حق العودة إلى فلسطين ومواجهة نظام التمييز العنصري هو اليوم عنوان قضية فلسطين وقضية السلم والاستقرار في المنطقة وهو المحرك الجديد للمقاومة الشعبية والمسلحة التي يتجه الشعب الفلسطيني لإطلاقها بقواه الحية لافظا كل قيادة أو تنظيم أو جهة خارج هذا الإطار، ذلك ما تنبئ به قواعد الفهم التاريخي لتجارب الشعوب.
فلسطين اليوم هي جنوب أفريقيا الجديدة من الجليل إلى غزة مرورا بالضفة و وهم الاعتراف بدولة افتراضية لا أرض لها ولا سيادة كالتي يراهن عليها قادة خط التسوية الفلسطينيون يشبه تماما شراء صكوك الغفران التي عرفتها أوروبا في القرون الوسطى والفلسطينيون باتوا يعرفون هذه الحقيقة منذ اتفاق أوسلو المشؤوم.
أنصار العدالة وحقوق الإنسان في العالم سيواجهون سؤالا كبيرا حول ما يفعلونه في مجابهة آخر معقل على وجه الأرض للاستعمار الاستيطاني ولنظام التمييز العنصري ، والثورة الفلسطينية القادمة ستكون قادرة على إقامة العدل الذي اغتاله ما يسمى بالمجتمع الدولي منذ 63 عاما بإقامة كيان عنصري تكفل بتشريد شعب بكامله وشن الحروب ضد العرب لاحتلال أرضهم وارتكب مذابح موصوفة وجرائم ضد الإنسانية بالسلاح الغربي وبالتمويل الغربي وتحت حماية الفيتو الأميركي الأوروبي