كشف، أمس، وللمرة الأولى منذ 42 عاماً، عن وثائق “إسرائيلية” ظلت سرية حتى اليوم، تعترف بالفشل في معركة الكرامة في 21 مارس/آذار ،1969 ومنحت المقاومة الفلسطينية قوة معنوية للانطلاق . وقال المحرر العسكري لصحيفة “هآرتس” يوسي ميلمان إن الوثائق تظهر محاولات المسؤولين “الإسرائيليين” التغطية على الفشل، موضحاً أن مثل هذه المحاولات استمرت في حرب لبنان الثانية وفي “الرصاص المصبوب” في غزة .
واستذكر ميلمان أن قادة الكيان وقتها زعموا أن “الإنجازات في الكرامة تبرر كلفتها العالية”، مشيراً إلى أن الجيش يكشف النقاب بعد عقود عن حقيقة التسرع والاستخفاف والثقة الزائدة بالنفس التي تسببت في الفشل في المعركة .
وأكد أن فشل “إسرائيل” الذريع لم يتم التحقيق به واستخلاص العبر حتى وقعت هزة أرضية ثانية في حرب تشرين بعد خمس سنوات، مضيفاً أن الفشل كبد “إسرائيل” خسائر موجعة من بينها مقتل 30 جندياً وإصابة 96 آخرين (مقابل 196 شهيداً في الجانب الأردني والفلسطيني)، علاوة على الفشل في ضرب منظمة التحرير .
وتابع “لم تؤد هذه الصفعة الموجعة إلى إيقاظ “إسرائيل” بمستوييها السياسي والعسكري”، لافتاً إلى أن حقائق تلك الحملة العسكرية، وهي أكبر حملات إسرائيل،معروفة لكن التفاصيل تم إخفاؤها ولم يتحمل أحد مسؤوليتها .
وأشير إلى أن الجيش قرر الكشف والاعتراف اليوم بعد صدور كتاب حول الكرامة لمؤلفه د .آشر بورات الذي شارك في العدوان وفقد فيه ذراعه، وبعد الكشف عن وثائق سرية أرشيفية.
وتكشف الوثائق أن “إسرائيل” خططت لشن العدوان وتدربت على اجتياز نهر الأردن قبل حرب 1967 حينما كانت الضفة الغربية تحت الحكم الأردني . وبحسب المخطط أراد الجيش كيّ وعي الفدائيين بقتلهم وأسرهم من خلال إنزال قوات خلف صفوفهم واصطيادهم فيما يتم تركيز نساء وأطفال الكرامة في وسط القرية .
وبحسب الوثائق رجحت “إسرائيل” أن ترد القوات الأردنية بشكل غير جدي كما في حرب 67 وفي حال كان عكس ذلك فعلى الطائرات “الإسرائيلية” تدميرها .
وأشير ميلمان إلى أن “إسرائيل” ارتكبت أخطاء استراتيجية وتكتيكية في حملتها على الكرامة موضحاً أن إنذار الأردن بعدم التدخل من خلال الولايات المتحدة منح (الرئيس الراحل) ياسر عرفات الاستعداد للمعركة وحفز الجيش الأردني إلى التدخل . وأكد تورط الجيش “الإسرائيلي” في الحملة التي خاض بها الوحل لمدة 14 ساعة بدلاً من عملية خاطفة، وبلغ الفشل ذروته بتدمير دبابتين من رتل دباباته وبمحاولة إنقاذ طواقمهما حيث أصيبت 27 دبابة أخرى خلال محاولة الإنقاذ حيث واصلت المدفعية الأردنية بالقصف رغم استهدافها بطائراتنا.
وبحسب الوثائق أخطا الجيش بتقديراته معتقداً أن الكرامة خربة صغيرة، فيما كانت بلدة تعد آلاف المنازل كما تعترف بأن مقاومتها كانت شديدة للغاية وتروي عن قيام فدائيين باستهداف المدرعات والدبابات التابعة لوحدات الكوماندوز الخاصة (خاصة الوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان بقيادة نائب وزير الحرب الحالي متان فلنائي) بالقنابل اليدوية عن بعد أمتار .
ونقلت الوثائق اعترافات قادة العملية بعدم تقدير قوة رد الجيش الأردني وعدم هروبه لعمان وبضرورة استهدافه بالطائرات أولاً . واعترف قائد الجيش حاييم بار ليف أن الاستخفاف بالعدو والتوغل أكثر من اللازم أديا دوراً في الفشل لافتاً إلى أن النتائج وبقاء بعض المعدات “الإسرائيلية” أضرت بصورة “إسرائيل” وقوة ردع جيشها .